اصوات المكان
"اصوات المكان " ملف عن سيناء تم نشره فى عدد اغسطس بالثقافة الجديدة http://alanany.wordpress.com/2011/03/24/sinai-40/ نقلا عن الثقافة الجديدة عدد اغسطس الماضى
سيناء بخاطرى
في جماعة الصحافة التي انشأناها في آداب عين شمس أخرجنا صحيفة كانت توزع في الجامعات المصرية وكان يشارك في تحريرها حلمي النمنم مدير دار الكتب الحالي واحمدعبدالله “أبو إسلام “الكاتب المتخصص في النبش وراء اليهود ومنظماتهم السرية حول العالم
لم يكن في الأفق ما يبشر باستقراري هنا سوى حنينا جارفا وغير مفهوم لهذه الأرض تمنيت في إل 85 عمل تحقيق عن شبه الجزيرة العائدة ؛ طبيعتها وآمال سكانها وخطط التعمير المأمولة
لكنني كنت حديث عهد بالمساء القاهرية وبقسم الحوادث منها آتيا من الحياة بتوصية من ا خيرات عبدالمنعم وكان يزاملني هناك مغرما بالعمل الصحفي كحالي عبدالنبى عبدالستار الذي يحرر الآن جريدة الوفد لسان حال الحزب بثوبه الجديد و أظنه مايزال في عباءة الحزب من يومها وهو بالمناسبة ما يجعلني أتشكك بالوجه الجديد لحزب الوفد لما أعلمه من سيرته المهنية
ولم استمر أكثر من عام في المساء وانتقلت إلى النور التي كان يرأس مجلس إدارتها ” الحمزة دعبس” وفيها قابلت احمد عبدالله وكان قد اصدر عدة كتب عن الماسونية ونوادي الروتارى والصهيونية العالمية
كنت قد بلغت 28 ولم يكن دخلي الشهري يكفى مصروفاتي الشخصية فكيف بتكوين وبناء مستقبل ؟ تركت إذن كل هذا فجأة حتى أنني لم أفكر في جمع ما نشر لي من قصص قصيرة هنا وهناك ولم أكن احتفظ لها بمسودات أيضا
وانتابتني موجة من التخلي عن كل الأحلام استمرت طويلا لكنه كان حلما وحيدا لم أتمكن من التخلي عنه وظل يطل برأسه بين وقت وآخر مرورا بأيام ثقافة المنصورة ومغامرات السفر إلى العراق والأردن ولبنان وليبيا وحتى أحلام السفر المبكر إلى أوروبا قبل موجة قوارب الموت التي بدأت في التسعينات ولم تنتهي بعد
أخيرا في 97 فعلتها وجئت إلى هنا إلى حيث اقسم الرب الكريم بالأرض والثمر ” والتين والزيتون وطور سينين ” إلى حيث مر الرسول في مسراه وحيث قوافل سفر الأنبياء من مصر واليها وحيث يختلط رفات الشهداء الذين قضوا في آلاف المعارك الدائرة هنا منذ فجر التاريخ وحتى تحريرها من دنس الصهاينة وإعادتها بين ذراعي الأم الرءوم واحلم الآن باختلاط رفاتي برفات السابقين هنا في هذه الأرض المباركة
هنا أنت بكر تماما كهذه الأرض الطيبة بنية وروحا وفكرا ولن تكون في حاجة إلى زيارة الأقصى وهو ما يزال بين أيدي الصهاينة لأنك تطل عليه من هنا وتشعر بأنفاس أهله ومن هنا نستطيع استعادته من هذه الأرض التي تعينك وتخبرك بكل الأسرار والخطط من لدن أحمس وربما قبله ومرورا بجحافل تحتمس ورمسيس والأشوريين والفرس والبطالمة والرومان والفتح الاسلامى والعثمانيين والفرنجة والانجليز وحتى ظهيرة اليوم العظيم من أكتوبر فقط كل ما عليك هو أن تفض بكارتها -شواطئها الساحرة وجبالها الساكنة الوقورة وسهولها المنبسطة في جلال تنتظر ليلة سعدها وهضابها المضطجعة في صبر طويل بانتظار مرورك لتهديك من كنوزها ما يغنيك
في مساحة ضعف مساحة الوادي العتيق يمكن لأهل الوادي الغاص بهم أن ينطلقوا لاستنشاق هواءا نظيفا واستنفار ملكاتهم الإبداعية التي افتقدهم العالم فيها طويلا
هنا بسيناء بشر تملأهم الطيبة دون غفلة وحدة طبع دون قسوة ونزعة قبلية دون جاهلية ومحبة لإخوانهم في الوادي لا ينقصها الاحترام لمن تعلموا على أيديهم وأنشئت مبانيهم الحديثة بسواعدهم وحررت أرضهم بباقة من دماء أبنائهم فقط يريدون احتراما ومساواة واهتماما أكثر ببواديهم من مؤسسات الدولة ولان ملكاتنا الإبداعية ومبادراتنا الفردية متوقفة منذ وقت لا نذكر أمده فان هذه المؤسسات لا تعمل سوى بتعليمات مؤسسة الرئاسة
لذا فإننا نأمل بمبادرة عليا تعفو وتصفح وتوصى ببعض الاهتمام وبمعاملة إنسانية خاصة بأهل الوسط والشمال وتذلل صعاب الطبيعة التي يعايشونها دون شكوى منذ آلاف السنين وتكيفوا معها فقط هو أمر واحد لن يتمكنوا من التكيف معه أبدا ذلك هو قبضة الأمن الوحشية والمعاملة الدونية التي يتلقونها من مؤسسات الدولة فقط فى سيناء يريدون العيش بكرامة ما تزال تحتفظ لهم بها طبيعة المكان وهو مخزون يكفى
حتى أبناء الوادي والدلتا وكل المهدرين والمطحونين .
تعليقات
إرسال تعليق