صلاة الروح
============ 

 كنت أتساءل كثيرا عن السر فى تحريم الخمر ؛ بينما أجده بين ملذات الجنة الموعودة حين يقدمون تفاصيلها إلينا من منابرهم العتيقه  .. و لم أجد مرة واحده الجرأة فى الجهر بتساؤلاتى تلك , غير أنها  ظلت وقتا طويلا تعتمل فى داخلى و تطل بين وقت و آخر و كأنها جوارى الحرملك تطل برأسها تاره أو  ترسل نظرات الفضول خلال فرجاتها نحو أصوات الرجال هنا  أو هناك .     حين قدمت كأس نبيذ اليها , قالت بفرح و لهفة بأن هذا فقط ما كانت بحاجه إليه الآن .. تلك اللهفه التى أطلت من عينيها دفعتنى إلى تقريب الكأس إليها أكثر مع باقة الورد التى كانت على طرف الطاولة تزينها .. و رحنا نقول و نقول , رحنا نحكى  بلا حدود و لا قيود ..
   كان لقاءا عابرا لم أخطط له , لكننى اكتشفت بمرور الوقت ,  أنها تعلم على وجه اليقين كم أحبها .. و ربما شعورها بمحبتى بدأ يخفف من وقع تجربة سابقة لها تحاول تفادى ذكراها أو التصالح معها ..
و راحت تحكى تفاصيلها و هى تمضع مذاق النبيذ فى فمها و تستطرد فى تساؤل فضولى ربما ..  أو لاستعادة ثقتها بنفسها أخيرا .. " لم أنا ؟
 أخبرنى بالسبب الذى جعلك تختارنى أنا دون غيرى ؛ فتحبها ؟ "
 و أنا أبتسم مجيبا ببساطه " لا أعرف , فقط وجدتنى مشغولا بك و بما تقولين ا
أو تكتبين .. أجد فيك حكمة نادره , وعيا من العلو بمكان لا يصله الكثيرون من  حولنا .. و قلت مخاطرا ؛ لعلها تلك التجربه التى تتصالحين معها الليله ؛ صقلتك و حفرت علاماتها فى وعيك و فى حكمتك ..
 فيما بعد ؛ أحببت عينيك و تفاصيل وجهك و سمت النبالة فيه ..
فيما بعد ؛ أحببت كل تفاصيلك و استغرقتها فى و تشربتها فى ذرات الخلايا ... و غرقت فى نبل إمارتك  وسميتك " الأميرة "  
 و أسعد كثيرا بسعادتك حين أناديك به : يا أميره ..
و تضحك بارتياح و تقول بأنها الليله سعيدة و يمكنها أن تفعل أى شىء و تقول كل شىء بمنتهى الراحة و الرغبه , و أنا أعلم بأن كأس نبيذى هو من فك لسانها و هو أيضا من أطلق العنان  لرغبتها فى مواصلة الحديث و الإنتشاء ..
 لكنه لم يفك عقدتى أنا , فمعها طالما تمنيت أن نصنع معا بمزاجية المحبين ؛ صلاتنا , لا أن نؤديها أداءا كتحية صباحيه , ثم  يلتفت كل منا إلى عالمه ..
 بتأخر الوقت ؛ وجدت أن قرارا بتوصيلها إلى مسكنها ؛ حتمى و لا مكسب إذن فى استغلال انسجامها النبيذى , و لا حتى الاقتراب من الصلاة بها ..
عند بابها ؛ أرسلت لها قبلة أثيريه و أرسلت أخرى .. و أغلقت بابها فى هدوء و رضى .. و انصرفت سعيدا وأنا أتخيلها تبحث عن غرفتها أو  فراشها  أو يتطوع ولدها الصغير بإرشادها إليه .
 و تكررت كثيرا لقاءاتنا دون أن نصلى يوما ببعضنا .. يربطنى بها حبل أثيري ينقل مشاعرنا و رغباتنا و ربما أحوالنا صحية كانت أو روحيه .. هذا الحبل ؛ يفنى تماما تلك المسافات البعيده بين مسكنى و مسكنها .. و يصنع رباطا وثيقا بين روحينا .
ثم ...
    ما يزال شغفى بها فائرا , وما يزال القلب ينبض باسمها ملتاعا حزينا , يشيع غفلته و إهماله لحتمية ارتواء روحينا بوصل و امتزاج ..
و تأبى الروح اعترافا  بارتباطات المادة من عمل و عائلة و موقع فى هذا العالم ..
و تأبى أيضا إلا أن تصلى بمن تحب ..
 غير أننى لم أتفهم هذا سوى بعد اكتشافى بأن حبلى الأثيرى لم يعد يجد طرفه الآخر .. فارغا .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تعميد .. ق قصيره

الكهرباء الحره

يا بركة رمضان . . هللى