هذه الليلة
كثيرا ما كان يهمس فى أدنى يان هناك أمر ما خاطىء جدا , و يجب إصلاحه .. و ينتابنى القلق فعليا حتى اعثر عليه فى غياهب ذاكره عتيقه ما تزال تختزن المزيد من أشيائى الحميمه و المؤلمه حد الجراح الداميه ...  الليله كان الهمس ملحاحا و مدويا حد الهوس .. افقدنى الحاحه مذاق طعامى و شرابى و جعل ساعات نومى القليله جدا متقطعه و قلقه ؛ تتخللها هواجس لعينه لا يمكن ترجمتها رغم اثرها المدمر لاعصابى ..
فى هده الليله أيقنت اننا كائنات لاتعيش فى موطنها الاصلى , و لا تبدو بمظهرها المادى المعروف و المعتاد فى سمتها الحقيقى .. من أين يأتى هدا الصوت الدى لا يسمعه سواك و يقض مضجعك بهكدا طريقه ؟! صوت يخبرك بامور لا يمكنك الاطلاع عليها بإمكانيات جسدك المحدوده و التى اعتدناها و تعودنا ان تكون هى كل قدراتنا , بل و منتهى أمانينا ؟!
كانت أميرتى تتلقانى و أتلقاها بفرح يغمرنى و يفيض عليها محبة و امتنانا ..  قالت أن أمرا ما قد يشغلها قليلا , و قلت ؛ لا بأس .. و كان هذا آخر ما كان بيننا ؛ و أول ماكان من هذا الصوت الصارخ فى وجدانى بهمسه الملحاح .. يذكرنى يليلة أخبرتنى فيها أميرتى بأنها باتت فى كامل زينتها تنتظر لقاءنا الصاخب  ؟ و دللت بصورة آنية تأكيدا و إغراءا .. يذكرنى بليلة أجابت فيها بالقبول التام ,  و بلهفة شوق تصفع وجدانى و تشعل رغبتى .. يدكرنى ... و ما كان ما يذكرنى به سوى سياط داميه تخط دما فى قلبى و شروخا تتوالى فى روحى الكسيره ..
كنت دائما أجد المبرر لتقاعسى عن التقدم لصلاة تجمعنا جسدا و نفسا و روحا و تسموا بنا نحو آفاق لم أكن أحلمها , و ما زال يصرخ فى هامسا ؛    كيف اضعتها ؟ كيف تركتها ؟ كيف لم تحاول تمكين ما بينكما لوصل غير منقطع .. و ما كان لينقطع لو انه اتصل .. و لربما دام حيوات أخر .الليله احاول القفز على محنتى بتساؤل عن ماهية هدا الصوت الهامس حد الصراخ , هدا الصوت الحميم حين كان يقدم النصائح و يتلو المحادير .. كيف  كان يعلم أن مثلها لا يمكن ان تظل الى الابد تنتظر و تتقبل مبرراتى .. كان كثيرا ما يخبرنى بانها الآن تنتظر منك بادرة ما فأتلهى بصحبة مقهى أو نزهة بسيارة هنا او هناك ؛ مرجئا بادرتى .. حين انفرد بى و اعاتبنى ؛  أجد مبررا فى تأخر الوقت , معللا النفس بلقاء حميم عن قريب .. و أسمعه يضحك منى هازئا و مستنكرا فلا أهتم ..هذه الليله يحاسبنى و يقض مضجعى و يكاد يخرج منى ممسكا يسوط ليجلدنى .. من هذا و من يكون ؟و كيف يطلع على ما لم اطلع انا عليه ؟ و كيف يعلم ما سوف يحدث مستقبلا و كأنه يعلم الآتى قريبا كان او بعيدا .. ؟ !كنت اظننى اعلم عنى كل شىء , و اكتشفت أننى لا أعلم الكثير , الكثير مما يعلم هو , فمن أين له تلك المعرفه لو أنه منى صوتا داخليا ؟!
 ادوات معرفتى و اتصالى بخارجى ؛ بين يدى أنا و أنا فقط من يعالجها دون سواى .. فكيف تأتى له ما يخبرنى به و ما كان يحذرنى منه .. ؟!  حتى تلك الخبرات القديمه و التجارب الماضيه بحلوها و مرها لا تمكنه من معرفة احوال اميرتى و ما يعتمل بداخلها من مشاعر و احاسيس ..هدا ليس أنا و ليس شيئا بداخلى ؛ إلا أن يكون متصلا .. نعم ؛  متصلا بمصدر علوى يعلم ما لا أعلم .. مطلع على خفاياى و خفاياها .. كثيرا ما كنت اسمع لصوته خفقا و لهمسه دويا و صدى ..فى هذه الليله اخبرنى باننى خسرت كثيرا و قد لا يكون بمقدورى جبر شرخ ربما حدث فى وجدان أميرتى  , و ما على سوى أن أعد نفسى لمعاناة فقدها حتى حين .. ربما يأتى و ربما ... لا يأتى . و حيرتى انا ..  ما تزال بين فقدى و بحثى .. بين صوت صارخ بالهمس المدوى لوما و تعنيفا ؛ و بين خسارتى لأميرة  كنت لمرآها ترفرف روحى لموضعها و منطقها و الحكمة فى معارفها .. و يخفق قلبى لصوتها و سمتها و عطرها و لون البحر فى عينيها ..


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تعميد .. ق قصيره

الكهرباء الحره

يا بركة رمضان . . هللى